تسعى الكويت الى تفادي أي تفجير يحصل على أرضها، للعلاقات العربية ـ العربية، في القمة التي تستضيفها الثلاثاء والاربعاء المقبلين. ولا يعني ذلك أن القمة العربية ستجد حلولا لمشاكل عميقة تعاني منها هذه العلاقات. كلّ ما تستطيعه القمة هو التمهيد لمرحلة من الهدوء تسمح لاحقاً بالبحث في الملفات الشائكة بكلّ صراحة.
ففي موازاة الديبلوماسية الصامتة التي يمارسها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد تجاه ازمة سحب السفراء من قطر، تنشط حركة كبيرة من فريق كويتي مصغر يضم وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى، في اتجاه مسؤولي الدول الخليجية، لمحاصرة الأزمة ما أمكن، وعدم تصعيدها بالتصريحات والمواقف، كي لا تصبح خطوط العودة الى المصالحة صعبة.
رجلان في الكويت لا يهدآن، وكأنهما في سباق مع الوقت قبل القمة، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبد الله، ووزير الاعلام والشباب الشيخ سلمان الحمود الصباح.
الرجلان لا يتبرعان بالافصاح عما يقومان به، لكنهما يقرّان بأنهما جزء من السياسة الكويتية الهادفة الى تنقية الاجواء، وتمهيد الارض للقيادة السياسية، وعلى رأسها الامير الشيخ صباح الاحمد، لإطلاق الأوراق والمبادرات والتسويات.
الشيخ محمد العبدالله (بو عبدالله)، أحد أكثر المسؤولين الكويتيين صراحة وواقعية، وهو الامر الذي جلب له عوار الراس في اكثر من مناسبة، ودفعه الى التحفظ في التصريح من دون أن يمنعه من التلميح، كانت له صولات وجولات في القمم السابقة، خصوصاً الخليجية، انما خلف الكواليس.
يعرف كما يقولون، البئر وغطاها بالنسبة الى المواقف والنفسيات. يلتزم أنّ المجالس بالامانات، لكنه يقر بأن الاعتراف بالمشكلة نصف الطريق الى حلها.
اما الشيخ سلمان الحمود (بو صباح)، فهو بطل في الرماية، ويمارس السياسة من خلال بعض جوانب هذه الموهبة. الصبر، التحفظ، التحوط، وعدم اخطاء الهدف. اختارته القيادة السياسية في موقعين من اكثر المواقع حساسية في أيّامنا هذه: الاعلام والشباب، وهما العنصران اللذان يحتلان المساحة الخليجية راهناً مع تغير مفاهيم التعاطي مع الاعلام ومع الشباب. رجل يلتزم بـالكتاب الى اقصى حد. سواء كان الكتاب قانوناً أو تشريعاً أو دستوراً.
في التحضيرات للقمم التي تعقد في الكويت، وما أكثرها منذ سنتين، يلاحظ دائماً وجود الشيخين محمد وسلمان قرب وزير الخارجية، خلال تفقد المركز الإعلامي أو المؤتمرات الصحافية. وعشية إقرار البيانات الختامية، تراهما مع آخرين خلف الكواليس في الاجنحة ومقرات الوفود، للبحث والنقاش والتهدئة والتعديل. وإن سألت احدهما عما فعله يقول لك بشكل آلي: بيننا وبين أهلنا في الخليج، علاقات خاصة وأسرية واجتماعية، ونحن نلتقي لأسباب اجتماعية واستمراراً للعادات والتقاليد.
وتتغير الاجواء من التأزيم الى الانفراج وتتعدل بنود في البيانات الختامية، والرجلان مصران على أن تحركهما المكوكي بين الوفود حتى ساعات الصباح الاولى سببه اجتماعي.
عشية القمة، يحتفظ وزير الخارجية بصمته وتفاؤله. عجز جميع الصحافيين عن استدراجه الى نصف موقف أو ربع موقف في ما يتعلق بالأزمة الخليجية. اما فريق العمل غير المعلن، فيصول ويجول بين الوفود من أجل هدف واحد وهو التهدئة الاعلامية، بل أن مسؤولاً كويتياً رفيع المستوى، كشف في مجلس خاص، أن الكويت تمنت على مسؤولين عرب ووزراء يشاركون في القمة بألا يأخذوا راحتهم في الحديث عن الخلاف الخليجي او انتقاد هذه الدولة او تلك بعنف، انتصاراً لهذه الدولة او تلك. وهو بالفعل ما ظهر جلياً، ولم تفز وسائل الاعلام بـصيد كبير كما كان متوقعاً.
القمة تفتتح أعمالها بعد غد الثلاثاء، والأزمة الخليجية كبيرة إلى الدرجة التي دعت واشنطن إلى الافصاح عن تأجيل القمة التي ستجمع الرئيس باراك اوباما وقادة الخليج في الرياض.
وزير خارجية مصر نبيل فهمي، يقول لرؤساء تحرير الصحف الكويتية، انه ليس من العدل رمي كرة المصالحات بأكملها على الكويت، والانتظار منها ان تحل الخلافات بيومين.. ومع ذلك ترفض الديبلوماسية الكويتية مصطلح اليأس وتتابع عملها بهدوء. فريق في الواجهة مكون من كوادر وزارة الخارجية الاكفاء بالدرجة الاولى، وفريق في الكواليس يتحرك في الاطار الاجتماعي لكنه يحقق نتائج سياسية.. أو هذا ما يؤمل به.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.