وسط علامات استفهام كثيرة حول مهمة المجلس الجديد، سيكون الكويتيون مرّة أخرى غداً السبت على موعد مع انتخابات نيابية.
وتتوقع مصادر سياسية أن ينبثق عن الانتخابات مجلس متوازن قد تكون مهمته المحددة الاعداد لقانون انتخابي جديد يرتكز على الصوتين بدل الصوت الواحد المعتمد حاليا، على أن تقسّم الكويت الى خمس أو عشر دوائر.
وسيتوجه الكويتيون الى صناديق الاقتراع، للمرة الثانية في أقلّ من سنة (كانت آخر انتخابات في كانون الاوّل 2012) وذلك من أجل انتخاب مجلس جديد للامة. يتنافس في هذه الانتخابات 321 مرشحا، بينهم 8 سيدات، على 50 مقعدا. ويحق لأكثر من 400 ألف ناخب التصويت في هذه الانتخابات، تمثل النساء نسبة تزيد على 53 في المئة منهم.
وتجري الانتخابات وسط مقاطعة محدودة لعدد من قوى المعارضة لها، لعلّ أهمها كتلة غالبية مجلس شباط 2013 التي تضم كتلة العمل الشعبي وعدداً من الاسلاميين وممثلي القبائل إضافة إلى عدد من القوى السياسية الممثلة للتيار الليبرالي، وأبرزها المنبر الديموقراطي.
لكنّ مشاركة رموز من كتلة العمل الوطني مثل مرزوق الغانم وعبدالله الرومي اعطت الانتخابات زخماً قوياً ساهمت فيه أيضا قبيلة العوازم المهمّة التي قاطعت المرّة الماضية.
اضافة الى ذلك، لا بدّ من ملاحظة أن المعارضة الكويتية صارت معارضات كما أن الاسلاميين، على رأسهم الاخوان المسلمون، في وضع لا يحسدون عليه وهم في حال تشبه الضياع، خصوصاً بعد الذي حصل في مصر.
وقبل ثمان وأربعين ساعة من الانتخابات، تستبعد أوساط سياسية كويتية حصول الشيعة على نحو ثلث عدد المقاعد كما حصل في الانتخابات الاخيرة قبل سبعة أشهر.
وتقول هذه الاوساط انّ من الصعب جدا أن يتكرر هذا المشهد، في ظل عودة بعض رموز التيار الوطني عن المقاطعة ومشاركتهم في الانتخابات، إضافة إلى مشاركة القبائل.
ويتوقّع أن تشهد نتائج الانتخابات عودة النواب القبليين بكثافة أكبر من السابق إضافة إلى عدد من مرشحي نواب التيار الوطني السابقين.
وفي ظلّ الاختلافات الكثيرة أو التنوع المتوقع أن تضمّه قاعة عبدالله السالم (قاعة مجلس الامة)، فإن ثمة ملامح لكتلة قوية تلوح في الأفق تضم أعضاء في مجلس كانون الاوّل 2012 الأخير المبطل.
ويجمع اعضاء هذه الكتلة، المرجّح تشكيلها بعد الانتخابات، على دعم علي الراشد مجددا في سباق الرئاسة بمواجهة أي مرشح جديد.
المال السياسي
لكن الأبرز في المشهد الانتخابي هذه المرّة، يتمثّل في عودة المال السياسي إلى الواجهة بشكل كبير، في أكثر من دائرة، وتحرك وزارة الداخلية وضبط مرشحين متورطين بشراء أصوات الناخبين.
وعلى الرغم من قرارات اخلاء السبيل بحق المرشحين الذين ضبطوا، الا ان القيمة العالية للكفالات المالية ومنعهم من السفر تشي بوجود شيء ما، خصوصا ان معلومات تشير إلى ان الافراج عن المرشحين جاء بتعليمات من جهة ما.
وعلى الرغم من تأكيد وزارة الداخلية المضي قدما في قمع أي مخالفة، إلا ان تسريبات أظهرت وجود اتجاه الى التخفيف من التشدد الذي يلجأ اليه رجال المباحث في عملهم ضمن هذا الاطار.
ويخشى مراقبون أن يكون تحرك وزارة الداخلية مجرد استعراض اعلامي سينتهي بحفظ هذه القضايا التي اثيرت دون اجراء فعلي سواء بحق المرشحين أو مفاتيحهم الانتخابية.
ويربط البعض بين صورة المشهد النيابي صبيحة يوم 28 تمّوز، اليوم التالي للانتخابات، وعمر المجلس الذي سينتج عن هذه الانتخابات في ظل علامات الاستفهام الكثيرة التي تحيط بجوانب كثيرة مرتبطة بالاجراءات التي رافقت انتخابه.
ويبدأ ذلك بسير الحكومة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية بابطال المجلس السابق من دون تقديم طلب تفسير لحيثيات هذا الحكم. ويمكن لمثل هذا الامر أن يعرّض العملية الانتخابية برمتها للإبطال. كذلك، انّ الشطب الذي تعرض له عدد من المرشحين يشكل مادة اضافية للطعن في الانتخابات.
اضافة الى ذلك، هناك من يعترض منذ الآن على التمديد المتوقع أن يطاول فترة الاقتراع من خلال التذرّع بالحشد الذي يفترض تدفقه على مراكز التصويت بعد الافطار. وينتظر أن يؤدي ذلك الى تمديد موعد التصويت الى ما بعد الثامنة مساء والسماح لجميع من دخلوا مراكز الاقتراع قبلها بممارسة حقهم في التصويت.
وعلى هامش الاجواء الانتخابية، كان لافتا اعلان النائب السابق محمد هايف وهو اسلامي وأحد ابرز وجوه المعارضة التي قاطعت الانتخابات السابقة، ان الشرع يحض على المشاركة في الانتخابات، وانه كان ضد المقاطعة إلا انه آثر وحدة الصف في اوساط المعارضة. واعتبر المحافظة على وحدة الصف هذه تشكل سببا كافيا لعدم ترشحه.
واضافة الى ذلك، يرى البعض ان مهمة مجلس الأمة المقبل، الذي سيولد من رحم انتخابات الصوت الواحد، محددة سلفا. وستكون هذه المهمة تعديل قانون الانتخابات منصوت واحد إلى صوتين وخمس دوائر أو صوتين وعشر دوائر.
ولا يستبعد أن تشهد نسبة المشاركة في الانتخابات ارتفاعا مقارنة مع سابقتها بعد عزوف كثيرين عن المقاطعة. لكن ما قد يلعب دورا سلبيا على هذا الصعيد توقيت الانتخابات في منتصف شهر رمضان، أي في يوم تصل فيه درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية في النهار. ويمكن لدرجة الحرارة أن تساهم في احباط المواطنين الذين قد يفضّل عدد كبير منهم البقاء في المنزل. وهذا يعني أنّ نسبة الاقبال قد لا تبلغ المتوقع على الرغم من اعلان معظم الفئات الاجتماعية والتيارات السياسية المشاركة.
هل ستطوي الانتخابات الثانية التي تجري بالصوت الواحد هذا الملف، أم ستستمر حالة الشحن السياسي في البلاد؟. المؤشرات تنبئ بأن المستقبل القريب يخبئ شيئا ما، خصوصا أنّ أكثر من عضو بارز في كتلة الغالبية وائتلاف المعارضة ذكر انه يتم التحضير لسلسلة تحركات اعتراضية في المرحلة المقبلة للضغط باتجاه التراجع عن الصوت الواحد.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.