8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أجواء مشحونة في الكويت عشية الانتخابات: هل يمكن لدولة صحراوية أن تعيش ربيعاً دائماً؟

تجري في الكويت اليوم رابع انتخابات نيابية في ست سنوات وسط أجواء مشحونة تطرح سؤالا من نوع: هل يمكن لدولة صحراوية ان تعيش ربيعا دائما؟. قد تكون الكويت نفسها هي الإجابة عن السؤال. فهذه الامارة التي اكتشف قادتها الاوائل سر الخلطة الكفيلة بتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم عاشت بثروة التوافق قبل ثروة النفط.
عندما قرر الشيوخ والعائلات تدبير أمور الدولة بالطريقة الكويتية الخاصة لم يكن السيف حاضرا بل اشياء اخرى أهمها العقد والعهد. تقدمت الشراكة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية وغابت نهائيا لغة القمع والاستقواء والتفرد التي تحدث بها آنذاك اكثر من زعيم عربي واعتمدتها حكومات ناشئة بمساعدة الوصي الاجنبي.
منذ عقود والكويتيون شركاء في الثروة (النفط) وفي السلطة من خلال دستور عمره نصف قرن يوم كانت دول تعيش زمن الانتداب. انتخابات وبرلمان ورقابة وتشريع وتداول سلطة وحجب ثقة عن وزراء. وقبل سنوات تطورت الرقابة الى الحد الذي صار بامكان نواب الامة إيقاف رئيس الوزراء نفسه على منصة الاستجواب، كما يمكن القول ان الكويت هي الدولة الوحيدة في محيطها التي تحكم محاكمها بأن قوانين منع التجمعات الشعبية باطلة وان من حق الناس التظاهر والتجمع والاعتصام والتعبير عن مواقفهم في الساحات العامة.
لم تكن الكويت دولة مثالية ولا يدعي المسؤولون فيها ذلك، بل حتى ان الأمير نفسه الشيخ صباح الأحمد قال سابقا في حديثه عن إحدى الادارات المهمة في الدولة ان الفساد فيها ما تشيله البعارين، وما حصل قبل الانتخابات بيومين من إحراق أبناء قبائل غاضبين مقر احد المرشحين الذين رأوا انه أساء اليهم دليل على ان الصورة ليست وردية وكذلك الامر في محاولة الاعتداء على مؤسسات إعلامية. بهذا المعنى لا يمكن القول ان الحراك السياسي كله كان تحت سقف القانون والدستور بل شابته أحيانا ثغرات كبيرة بعضها كان غريبا عن الكويت وأهلها سواء لجهة الشعارات التي رفعت او لجهة بعض الاعمال التي رافقتها مثل اقتحام متظاهرين يقودهم بعض النواب مبنى مجلس الامة قبل اسابيع، في خطوة كانت من أبرز الاسباب التي بنى عليها الامير قراره بحل المجلس وتغيير الحكومة السابقة بهدف فتح كوة للخروج من الازمة السياسية التي شلت البلاد وعطلت تنفيذ مشاريع التنمية، لكن المهم ان الشفافية في الاعلان هنا ليست فعل جرأة فحسب بل هي مقاربة واقعية للمشاكل وضرورة حلها.
اليوم، خاضت الكويت تجربتها الانتخابية الجديدة وهي الدولة التي صارت محترفة انتخابات. مرشحون وندوات وبرامج، بعضها تقليدي معروف وبعضها غير مألوف يعزف على وتر العنصرية في مواجهة وتر القبلية. بعضها يستخدم اللغة الطائفية في مواجهة لغة طائفية املا في الحصول على اصوات ناخبين على قاعدة التطرف. وبعضها يتمتع بمواصفات تشبه الكويت فيركز على التنمية والتعليم وفرص العمل والسياسة الخارجية وتطوير الموارد وتحسين الخدمات العامة، لكن كل البرامج والندوات تتجمع تحت عنوان واحد: الربيع المتجدد.
وزير الاعلام الكويتي الشيخ حمد جابر العلي مايسترو اساسي في تنظيم السياسة الإعلامية الانتخابية، وكان له السبق في فتح القنوات التلفزيونية الرسمية لنقل اخبار المرشحين وبرامجهم. قال لـالمستقبل:نحن لا نخشى الحريات بل نعتبرها صمام امان للكويت، يؤكد لي في لقاء خاص :العالم تغير والإعلام الحزبي على شفير الانقراض حتى في الدول الشمولية، ومجنون من يفكر في التضييق الإعلامي على مواطن يمكنه ان يعرف ما يحصل في الشارع المجاور لمنزله او في الدول المجاورة من خلال الوسائط التكنولوجية عبر جهاز هاتفه او الكمبيوتر.
ويضيف الشيخ حمد:ومثلما سينقرض الإعلام الموجه سينقرض ايضا الاعتقاد بان الناس يمكن تحريكها بالريموت كونترول والتأثير في خياراتها. الناس ذاكرتهم ليست قصيرة وهم الأقدر على الاختيار وسيصوتون لمن يرون انه الأصلح. ولذلك كنا دائما نقول ان الديموقراطية تطور نفسها بالمزيد من الديموقراطية وان القمع لا يمكنه الا ان يولّد الانفجار، ولذلك فدولة مثل الكويت لا يوجد في تاريخها سجين سياسي واحد لا يمكنها ان تخشى الربيع العربي بل هي تعيش ربيعا دائما ويمكنها تصدير بعض زهوره الى الراغبين. يبقى ان من يزور الكويت كل عام يمكنه ان يلاحظ انها تمر بفترة انتقالية تطويرية للنظام السياسي في اتجاه مزيد من الحريات والديموقراطية والمشاركة الشعبية خصوصا من جيل الشباب، وان هاجس القيادة السياسية فيها هو ترسيخ الاستقرار لتتمكن من عبور الفترة الانتقالية باكبر قدر من الارباح وأقل قدر من الخسائر. فالامن الاجتماعي والاقتصادي خط احمر... وما دون ذلك قابل للنقاش.
مرة اخرى، هو سر الخلطة بين الحاكم والمحكوم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00