8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"المستقبل" تحاور نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي

إعتبرت نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي اليزابيت تشيني ان الالتزامات الأميركية لقضايا الإصلاح الاقتصادي والسياسي وتعزيز الثقافة ودور المرأة "هي التزامات طويلة الأمد".
وأوضحت ان "هذا الالتزام يسير في اطار مجموعة اهتمامات أميركية حيال المنطقة في آن، خصوصاً مع الاستمرار في العمل بجدية في عملية السلام، والسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل".
وأشارت تشيني، وهي ابنة نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني، إلى ان بلادها "أظهرت بوضوح تام ما هي الخطوات التي تحتاج سوريا إلى أن تتخذها من أجل التأكيد ان دعم الإرهاب في المنطقة قد توقف"، لافتة إلى ان الاستمرار في دعم الإرهاب "ليس حصناً منيعاً".
"المستقبل" حاورت تشيني، وسألتها: "أين أصبح الحوار الأميركي ـ اللبناني ـ السوري في شأن المسائل التي تتحدث عنها الولايات المتحدة، وهل تقدمه مرتبط بأمر ما"؟، فأجابت: "لا أريد التحدث عن هذا الحوار، ان الولايات المتحدة أوضحت لسوريا تكراراً وبإلحاح سريع، وللحكومة السورية، وللرئيس السوري بشار الأسد، ان الاستمرار في دعم الإرهاب في المنطقة ليس حصناً منيعاً. ونحن أظهرنا بوضوح تام وبصورة مباشرة ومحددة ما هي الخطوات التي يحتاج الرئيس الأسد إلى أن يتخذها ليؤكد ان دعم الإرهاب في المنطقة قد توقف. وهناك العديد من الطرق يجري البحث فيها مع سوريا عبر المحادثات الثنائية".
وعن مدى النجاح الذي حققه مشروع الرئيس الأميركي جورج بوش للشراكة في الدول العربية، أعربت عن اعتقادها "ان الالتزامات الأميركية بقضايا الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي، وتعزيز الثقافة ودور المرأة هي التزامات طويلة الأمد. نعتبر انها تحديات حقيقية وجدية تواجهها معظم دول المنطقة، ولا يمكن ان تجد حلاً بسرعة، وبين ليلة وضحاها، انها قضايا تمتد لأجيال، ما نراه بالنسبة إلى سياسة الولايات المتحدة إزاء المنطقة هو السير في مجموعة اهتمامات في آن، إذ يفترض أن نستمر في العمل بجدية في عملية السلام، ومن أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي الوقت نفسه يجب أن نعمل لإعادة بناء العراق حيث نطلب 70 بليون دولار لهذه الغاية، لمشاريع الكهرباء والمياه والمستشفيات والمدارس".
أضافت: "ان 90 في المئة من القرى العراقية، أنتجت للمرة الأولى مجالسها المحلية، وهناك 50000 من العراقيين في سدة المسؤولية في مجالس الحكم، مما يعني الاتجاه إلى السلام والاستقرار في العراق، الأمر الذي سيترك انعكاساً مهماً على الوضع الشامل في الشرق الأوسط، ونظرة المنطقة وتطلعاتها إلى مدى 10 سنوات مقبلة أو حتى إلي 20 سنة، يجب أن نعمل على هذه القضايا: عملية السلام، العراق، والاستمرار في العمل مع حكومات المنطقة في تعاون وثيق، للتأكد من نجاح مساعينا ولا سيما في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي".
وعن الأولويات التي ترى انها حاجة أساسية في الشرق الأوسط، اعتبرت "ان تقليص حرية المرأة في المنطقة يجب أن يصحح، ومن المفيد لكل دول المنطقة العمل في هذا التصحيح. نحن نتطلع إلى تحقيق مشروع واسع لدعم جهود المرأة لتتمكن من مساعدة نفسها في كل دول الشرق الأوسط، نحن نتحاور مباشرة مع جمعيات نسائية لدعم جهودها. وتتضمن المشاريع التي نعمل لتحقيقها منح المرأة مهارات في التواصل والقيادة، وقمنا أخيراً بإعداد برنامج في الولايات المتحدة وسنقوم بآخر مماثل في كانون الأول المقبل، كجلسات عمل للمرأة في حقل القانون. وتحدثنا مع العديد من الجمعيات الأهلية مثل مصر لمساعدتنا على تنظيم تنشيط المرأة في مختلف دول المنطقة وطريقة توزيع التمويل لهذا النشاط. كما نعمل مع مجموعات نسائية على غرار ما نقوم به في الأردن، حيث المساعدة في مجال حماية المرأة من المخاطر ولدعم جهود هذه المنظمات. والمهم هو تمويل المشاريع الصغيرة للمرأة، وهذا ما نعمل عليه في دول الشرق الأوسط، ونركز في الواقع على الطرق الكفيلة بتقديم الدعم الاقتصادي ومحو الأمية".
وعن المطلوب من العالم العربي في موضوع الشراكة مع الولايات المتحدة، قالت: "ان الشراكة لا تسير إلا إذا تمت بين الحكومات وبين الشعوب من جانبي الولايات المتحدة والعالم العربي. والمسائل المالية والبشرية التي ستعتمد من الولايات المتحدة ليست هي القضية، بل القضية هي التزام الحكومات بقوة بالقرارات الصعبة التي يجب ان تتخذها في الانفتاح الاقتصادي، وانفتاح الأنظمة السياسية، ومدى شعور القاعدة الشعبية بأنها تتعزز في قدراتها التي توفر كلها نجاح المشاريع في الشراكة. لذلك، فإن المسؤولية الأساسية تقع على شعوب المنطقة، ونسعى إلى دعم جهودهم. إنها المرة الأولى، كما أعتقد، التي تعمل فيها الولايات المتحدة للتغيير مع شعوب المنطقة على حد سواء، ونعتقد حقيقة ان هذا الأمر ضروري لمستقبلنا كما لمستقبل شعوب المنطقة لإنجاز هذا التغيير".
وعما إذا كانت بلادها ترغب في إعمار العراق، أو من مصلحتها ترك أوضاعه كما هي الآن، أشارت إلى انها "مسألة لا تحتمل التساؤل، انها مصلحة، من أجل ان نتأكد ان العراق وشعبه قادران على أن يتمتعا بالحرية وبالأمن الذي يريدانه، ويستطيعان العيش في منطقة مستقرة وآمنة، وديموقراطية. أعتقد نه لا يوجد أسس لنقول ان ليس لنا مصلحة في ذلك، ان الإطاحة بصدام حسين الذي تم إرادياً أزاح التهديد عن أمننا كما عن أمن الشعوب في الشرق الأوسط، لكننا ايضا لا نريد ان نرى العراق يستمر في كونه معقلا للإرهابيين وللقوى التي ترفض الحرية وللقوى التي تقتل الاميركيين وآخرين في المنطقة. لذا نحن نعتقد بثبات انه من الضروري لشعب العراق ولنا ولشعوب الشرق الأوسط ان يكون العراق بلدا مستقرا وآمنا وحرا.
على سبيل المثال ان طلب مبلغ 87 بليون دولار يجب ان يؤخذ بأهمية، فلا دولة في العالم تكرس هذه الطاقات من اجل حرية دولة أخرى، وهذا ينعكس تفاؤلا حيال الوضع العراقي لأن القوات الاميركية والمدنيين الاميركيون يركزون مئة في المئة على سبل بناء مستقبل أفضل مع شعب العراق.
وحول المناخ السياسي الملائم لانعقاد المؤتمر الاقتصادي العربي الاميركي الذي التأم في ديترويت نهاية أيلول الماضي وهو الأول من نوعه بعد أحداث 11 أيلول، قالت: "ان أهداف المؤتمر هي محاولة بناء الجسور الحقيقية، وهذا يحسن المناخ السياسي. اعتقد اننا نعيش في خضم تحديات وفي أوقات صعبة، وأحداث 11 أيلول تدعونا إلى العمل عبر طرق لبناء مستقبلنا بحيث لا يجد المسؤولون من القيام بهذا الحدث معقلا لهم على الإطلاق في أي مكان، لا في الشرق الأوسط، ولا في أية دولة أخرى، كل جهودنا، ان كانت عبر رجال الأعمال العرب الاميركيين، ومعهم القطاع الخاص في المنطقة، والحكومات ايضا، تتركز على كيفية بناء عالم أكثر أمنا وازدهارا لنا جميعا. واعتبر ذلك أمرا طويل الأجل، لكن الإدارة الاميركية تلتزم انجازه حتى النهاية".
وعن تقويم بلادها للموقف الفرنسي حول طلب الولايات المتحدة تدخل الأمم المتحدة في العراق، أوضحت ان الرئيس بوش ألقى كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة "ونحن مهتمون جدا بالعمل مع دول أخرى للمساعدة والمشاركة في طريقة موحدة لإنجاز السلام والازدهار في العراق. ان الفرنسيين يحثوننا على الانسحاب من العراق حالا، ولا اعتقد ان هذا صواب، بل غلطة كبيرة، نحن نمنح الدعم، وأطلقنا سلطة الحكومة العراقية بقدر الامكان، لكن الانسحاب الفوري من العراق يشكل كارثة. لا أرى ان هناك مشكلة حيال هذه القضية، لكن نأمل ان نكون قادرين على العمل معا، فهناك 17 دولة أخرى معنية معنا بهذه المسألة، ونتطلع إلى استصدار قرار عن الأمم المتحدة يضم إلينا جهود دول أخرى ايضا في الوقت نفسه".
وشددت على أهمية العلاقة الاميركية ـ السعودية والتعاون الحاصل في عدد واسع من القضايا، خصوصا منذ تفجيرات الرياض، ولا سيما في مواضيع مكافحة الإرهاب "ونتابع العمل مع الحكومة السعودية حول مسائل عدة في الوقت نفسه كالإصلاح الثقافي، وتعزيز قدرات المرأة، والانفتاح السياسي التدريجي، ووزير الاقتصاد السعودي الذي زار واشنطن اخيرا ابدى حرصه على القضايا التي يتناولها الإصلاح، وأعتقد ان ما يشاع في بعض الإعلام ليس صحيحاً".
ولفتت إلى ان الولايات المتحدة لم تركز منذ زمن على الإصلاح في هذه المسائل ودعم المصلحين في دول الشرق الأوسط "نحن دعمنا المصلحين السياسيين والتغيير في آسيا، وفي اميركا اللاتينية، وفي أوروبا الشرقية، ولكن عندما تعاطينا مع الشرق الأوسط، كنا نفكر بطريقة أخرى. لقد كنا نعتقد ان أمننا لا يتطلب أوضاعا على هذا النحو. لكننا تعلمنا الآن، وخصوصا بعد أحداث 11 أيلول ان هذا ليس صحيحاً، وأن مستقبلنا جميعا يتطلب التغيير وانفتاح الاقتصاد والأنظمة السياسية. اعتقد ان شعوب الشرق الأوسط محقة في ان تسأل الولايات المتحدة عن سبب اهتمامها بهذه المسائل الآن، ولم تهتم في السابق بذلك، والحل لهذا، كما أراه، هو ان نقول لكم: "راقبونا، وراقبوا ماذا نفعل، واحكموا على أفعالنا، وبعد انجاز هذه الأفعال، وسترون التزامنا بالنسبة إلى حالة العراق، وإلى كل الدول العربية الأخرى، بدعم الحرية وآمل ان يكون ذلك اساسا لحكمكم".
وعما اذا كانت تتخوف من فشل "خارطة الطريق" على المسار الفلسطيني الاسرائيلي على غرار المبادرات السابقة، قالت: "من الخطأ التركيز على مبادرة وحيدة، في النهاية يحتاج الفلسطينيون والاسرائيليون إلى العيش بسلام وأمن. وعلى الطرفين ان يقوما بخطوات للتوصل إلى التقدم وإلى قرار السلام، وتلزم الفلسطينيين بوضوح ان يوقفوا استعمال القوة والعنف. نراقب ذلك، ولا نرى حتى الآن أي تقدم في هذا السبيل. لذلك، فإن الوضع صعب جدا، انها كارثة انسانية، إذ يقتل الأبرياء من الجانبين، ان الفلسطينيين والاسرائيليين يستحقون الأفضل، والحياة بسلام، وأعتقد انها غلطة حيوية التركيز على ما اذا كانت هذه المبادرة الاميركية ستنجح ام لا. ان على الطرفين ان يتخذا قرارا بوقف السير في هذه الطرق الخاطئة، لأنها تقودهما وتقود المنطقة إلى مستقبل مأسوي، وعندما يقول الرئيس بوش بالتزامه العمل مع الطرفين، يعني ذلك من اجل محاولة الوصول إلى السلام والأمن بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ما يؤدي إلى وقف العنف، وعند ذلك يعيش الناس الحياة التي يستحقون ان يعيشوها".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00