تزداد قناعة الإدارة الأميركية بأن العالم الإسلامي لديه مشكلة في فهم أميركا وسياساتها تجاهه، لدرجة أنها راحت تلمس أكثر فأكثر مدى عمق المشاعر السلبية إزاءها، وبلوغه مستويات لا يمكن أن تستهين بها.
وتؤكد مصادر في الخارجية الأميركية لـ"المستقبل" أن هذه المشكلة التي تعاظمت بعد أحداث 11 أيلول 2001 هي موضع اهتمام مركزي والسعي الآن هو للإجابة عن مجموعة كبيرة من التساؤلات، وما إذا كانت الأسباب ترتبط بطريقة الإعلام عن السياسة الأميركية، أو عدم كفاية في أداء الإعلام الأميركي.
تشير المصادر الى أن الإدارة بدءاً بالبيت الأبيض مروراً بوزارة الخارجية ووصولاً الى وزارة الدفاع، "تعمل حالياً على إطلاق مبادرات ديبلوماسية ـ إعلامية لإظهار صورة أميركا على حقيقتها، ومميزات الحرية والديموقراطية التي تؤمن بها، والمستوى الايجابي في طريقة تعامل أميركا مع المسلمين في العالم".
وتعتقد الإدارة الأميركية أن هذه المبادرة ستنجح في توعية الرأي العام العالمي، والإسلامي تحديداً، وفي سد الثغرة الإعلامية التي تقول الإدارة الأميركية بأنها أحدثت المشكلة أو ما يسمى بـ"سوء الفهم في العلاقات الأميركية الإسلامية والعلاقات الأميركية العربية في بعض الأوجه".
وترغب واشنطن من خلال المبادرات التي تقوم بها، إن عبر الدعوات لوفود ديبلوماسية أو إعلامية، في إظهار المسلمين في الولايات المتحدة يعيشون بحرية ويحصلون على كل حقوقهم الإنسانية ويتمتعون بالديموقراطية في موضوع الانتخابات أيضاً، فضلاً عن فرص التعلم والعمل والانتاج.
وتعتمد الإدارة الأميركية على دراسات حول الموضوع أعدتها مراكز أبحاث أميركية محترمة وذات كفاءة عالية، لا سيما منها مركز "بيرو" الذي أظهرت دراساته أن صورة أميركا في العالم سيئة جداً، ليس تجاه العالم العربي فحسب، بل أيضاً تجاه العالم الإسلامي، والأوروبي، والروسي.
وتشير المصادر الى أن الإدارة الأميركية تعي تماماً حقيقة صورتها، وتدرك أن الكلام على هذا الأمر، ازداد خلال الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة وتحديداً منذ إعلانها الحرب على أفغانستان وأسلوبها في مواجهة الإرهاب الدولي، إذ كانت قبل ذلك تتلمس تعاطفاً واضحاً مع سياساتها.
ولكن، هل ستنجح المبادرات الأميركية في تحسين صورة الولايات المتحدة إسلامياً ودولياً؟
من المؤكد، استناداً الى المصادر نفسها، أن أي مقال صحافي مهما كان مهماً، ليس هو الخلفية التي تبنى عليها السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، فهذه السياسة مسألة في غاية التعقيد، وتسهم في تحديدها مجموعة عوامل داخلية وخارجية، لكن القرار الأساسي والنهائي يبقى، في النهاية لرئيس الدولة ومساعديه بالتعاون مع وزارة الخارجية، فهما يصوغان سياسة أميركا في العالم. ولا يؤثر عامل واحد في سياسة واشنطن الخارجية وإنما عوامل عدة هي:
أولاً: رد فعل الكونغرس وموقفه.
ثانياً: الرأي العام الأميركي والعالمي.
ثالثاً: مراكز الأبحاث الأميركية واستطلاعات الرأي.
رابعاً: رد فعل العالم على القضايا والسياسات واللوبيات.
خامساً: رؤى أصدقاء أميركا في الخارج، وما تتداخل فيه من مستويات لهذه الصداقة بين أميركا والعرب والإسلام. والمشاكل بين واشنطن والعالم العربي تتمحور حول:
ـ الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
ـ الحرب على العراق وبعدها.
ـ التعامل مع الإسلام والمسلمين.
إزاء ذلك، هل يشكل الإعلام وحده حلاً للمشكلة؟
تشير المصادر، الى أن للإعلام دوراً كبيراً في الحل. على الرغم من أن واشنطن لا تنفي أهمية دراستها لما تتلقاه من ردود فعل تقول بأن التغيير في سياستها الخارجية هو المسؤول عن تحسين صورتها في العالم الإسلامي والعربي، والمسؤول عن إزالة سوء الفهم القائم بين الطرفين.
ومما لا شك فيه، أن السياسة الخارجية والسياسة الإعلامية ستشكل محطة بارزة في الحملات الانتخابية الرئاسية لاستحقاق تشرين الثاني 2004 في الولايات المتحدة الأميركية، إن لم تكن بدأت بالفعل. في ذلك يتوقع أن يتطور النقاش بين مرشحي الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري.
إلا أن أي تغيير في السياسة الخارجية الأميركية في المسائل الثلاث لا يزال محكوماً بالتطورات داخل العراق، وبمدى اقتناع واشنطن فعلاً بدور الأمم المتحدة هناك. مع الإشارة الى أن المصادر تعطي أهمية لإفساح واشنطن في المجال للأخذ والرد بالنسبة الى دور المنظمة الدولية في بغداد، على أن تتقاسم دول العالم مع الولايات المتحدة تكاليف الحرب.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.