8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الأوروبيون يطالبون العرب بموقف واضح من الديموقراطية

ما هي النتائج التي توصل إليها مؤتمر الشراكة الأوروبية المتوسطية الذي أنهى أعماله في العاصمة الايرلندية مساء الخميس الماضي، بالنسبة الى قضايا المنطقة، وكيف وجد الوزراء العرب النظرة الأوروبية الى الاصلاحات المطلوبة في إطار الشراكة مع المتوسط والشرق الأوسط؟
تؤكد مصادر وزارية شاركت في مؤتمر دبلن لـ"المستقبل"، أن الاتحاد الأوروبي يعول بشدة على انعقاد القمة العربية في 22 أيار الجاري بحيث يتوقع من الدول العربية اتخاذ موقف موحد حيال مسألة الاصلاحات، يشكل بدوره استراتيجية عربية واضحة. فإذا ما أراد العرب أن يصدر عن القمم الدولية الثلاث التي ستنعقد في النصف الثاني من أيار وفي حزيران، موقفاً داعماً لنظرتهم الى الاصلاح، فعليهم أن يبادروا هم في البداية الى دعم موقفهم ذاتياً والاتفاق على حد معين لا يمكن التنازل عنه، لكي يتم أخذه في الاعتبار عند مناقشة الاصلاحات دولياً. لذلك، فإن عقد القمة العربية مهم جداً، وفي موعدها، والمهم أيضاً تعزيزهم لمرجعيتهم وثبات موقفهم الذي سينعكس حتماً على مقاربة أوروبا والعالم لمشاكلهم وطرح الحلول لها.
وتلفت المصادر الى أن لبنان هو البلد الذي يعنى بالاصلاحات بصورة أقل جداً من غيره من الدول في المنطقة. كما أن الموقف الأميركي الذي أطلق "الشرق الأوسط الكبير" في بداية السنة الجارية، بدأ يشهد تحولاً كبيراً، بحيث أن المشروع الأميركي لن يعيش في مقررات القمم المرتقبة بصيغته الأساسية. وقد عبر العديد من المسؤولين الأميركيين وفقاً لتقارير ديبلوماسية لا سيما مسؤولين بارزين في وزارة الخارجية الأميركية، عن ضرورة أن تراعي الاصلاحات الأوضاع الثقافية وأن لا تفرض الأفكار فرضاً، وأن تأخذ بالاعتبار "مشكلة المنطقة".
وفي الإطار عينه، من المقرر أن يتقدم السيناتور في مجلس الشيوخ الأميركي ليبرمان بمشروع الى المجلس لتأسيس صندوق لتنمية العالم العربي قد تصل موازنته الى مليار ونصف المليار دولار أميركي لدعم الاصلاحات.
ويُفهم من المصادر، أن هناك توزيع أدوار أميركي ـ أوروبي، كُلّف بموجبه الأوروبيون أن يتولوا إخراج قضية مفهوم طرح الاصلاحات ويسوقون للمبادرة مقابل إحرازهم تقدماً بالنسبة الى تخلي واشنطن عن فكرة "الفرض"، وأن تحل محلها فكرة "الشراكة" وأن تأخذ بالاعتبار ثقافة المنطقة وتاريخها وحضارتها.
لذلك تتوقع المصادر أن تقر القمة الأميركية الأوروبية في حزيران المقبل "استراتيجية الشراكة مع المتوسط والشرق الأوسط"، التي كانت مدار بحث في مؤتمر دبلن، وحيث تقرر متابعة درسها لكي يعمل المجلس الأوروبي على إقرارها في حزيران المقبل.
وتشدد المصادر، على أن الوزراء العرب الذين شاركوا في "دبلن"، لاحظوا أن النظرة الأوروبية تختلف عن تلك الأميركية، لكنها في الوقت عينه لن تكون في المستوى الذي يخل بالعلاقات الداخلية بين حلف الأطلسي "الناتو"، الذي تبقى استراتيجيته الأمنية وتلك التي تتعلق بالسياسة الخارجية بعيدة عن التجاذب. لذلك ورغم التقارب الأوروبي إزاء النظرة العربية، فإن العرب لا يزالون يطالبونهم بالمزيد لكي يكون دورهم أفضل وأكثر عدلاً وإنصافاً.
كما في اعتقاد الدول العربية، أن كل وزير أوروبي اهتم في المؤتمر بعرض مشاكل بلاده، وانطلاقاً من ظروفها الداخلية، لكن الدول العربية التي شاركت أعربت عن اهتمامها بقضية أساسية هي ضرورة حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي وفقاً لقواعد الشرعية الدولية ومقرراتها ذات الصلة. ولفتت الى أن تقديم التمويل لمشاريع متعلقة بإصلاحات لا تكفي، لأن الازدهار يتحقق بالفعل بعد إزالة الاحتلال الاسرائيلي، وتعزيز سيادة الدول على أراضيها ودفع استقلاليتها وقدراتها السياسية وسلطتها على كافة أراضيها.
وأما النقاط التي يعتبرها العرب قريبة من مفاهيمهم في الموقف الأوروبي فهي:
ـ أولاً: تأكيدهم على وجوب أن تتزامن الاصلاحات مع إعادة إحياء عملية السلام. لكن يجب عدم الانتظار كثيراً لكي يتم إنجاز الاصلاحات. والعبارة الأخيرة لا تتفق مع سعي العرب الحثيث لضرورة إعادة تفعيل المبادرة العربية للسلام وتحقيق حل على أساسها يكون قبل الدخول في أي مشاريع إصلاحية للمنطقة لن تقدم الحل لمشكلتها الأساسية وهي إزالة الاحتلال.
ثانياً: إن الأوروبيين يعتبرون أن الاصلاحات يجب أن تنبع من الداخل، وهذا ما يقتنع به العرب، ومن المقرر أن تجسده قمة تونس.
ثالثاً: إن الاتحاد الأوروبي أعرب خلال المباحثات التي عقدت في دبلن عن استعداده لتمويل الاصلاحات وبرامجها ومشاريعها، وتقديم الأفكار حولها بالتعاون مع الدول العربية.
وتمكن لبنان وسوريا خلال المناقشات التي سادت قبيل صدور البيان عن الرئاسة الايرلندية والخلاصات التي شملها، أن يضيفا فقرة في مجال عملية السلام في المنطقة، وأكدا فيها أن مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت 2002، كأساس للسلام الشامل في المنطقة، يجب أن يشمل لبنان وسوريا.
ولاحظت المصادر أيضاً، أن بيان الرئاسة الايرلندية سعى الأوروبيون عبره إلى دراسة البيان الذي صدر عن الاجتماع الأخير لـ"المجموعة الرباعية الدولية" الكوارتي في نيويورك الثلاثاء الماضي وعملوا عليه، فأعادوا التأكيد على "خارطة الطريق"، وقدموا زخماً لإعادة دفعها من جديد، وأهمية ذلك تأتي بعد موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون الذي لم يعتبر يوماً الخارطة إلا أنها ميتة، ثم بعد الوعود الأميركية لشارون، فدعم البيان إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وأرضها مترابطة (في إشارة لرفض أن تكون مقطعة)، وفق حدود ثابتة معترف بها بحيث تكون مع بنود اللاجئين ومصيرهم والحل النهائي والعاصمة تتقرر كلها بالتفاوض بين الطرفين.
لكن لبنان يخالف في نظرته نظرة الأوروبيين حول أن الانسحاب من غزة الذي يعتبر من "أراضٍ" على أنه جزء من "خارطة الطريق"، ويعتبر لبنان أن حصول الانسحاب يعني أنه جزئي، ولم يتم بالتنسيق مع الشريك الآخر، وأن غزة بالتالي ستكون محاصرة، كما أنه يكون قد جاء بعد الوعود الأميركية التي أخطر ما فيها أنها تنسف أسس السلام العادل، وتعمل على تغيير الحدود، وعلى حرمان اللاجئين من الحقوق القانونية والإنسانية والأخلاقية التي أعطاهم اياها القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولم يأخذ التخوف العربي من المساعدات والتمويل الأوروبي لتحقيق الاستراتيجية المطروحة بعداً كبيراً، إذ في رأي عدد من الوزراء أنه ما دامت كل الأمور موضع نقاش فإن الدول العربية لا تضع ذلك في خانة الشروط، بل على الدول العربية التعاطي بإيجابية للاستفادة من هذه الأفكار بدل أن تكون أسيرة التخوّف من الشروط خصوصاً وأن الجانب الأوروبي يركز على المشاركة والشراكة في نظرته للتعاون وللحوار القائم منذ مؤتمر برشلونة في 1995، وقد تم التأكيد على متابعة هذه المسيرة في البيان الختامي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00