إنتاج تسوية لبنانية ممكن والتسهيل عنوان المرحلة
في المبادرة التي قام بها الرئيس سعد الحريري لإنهاء الفراغ الرئاسي، كان هناك تجميع للنقاط التي يتفاهم حولها اللبنانيون، وتأجيل البحث في ما يختلفون حوله، إلى أن يحين موعد الحلول الكبرى في المنطقة، وفقاً لمصادر وزارية.
لذا كانت هناك مجموعة من المتشائمين في صفوف كل الأفرقاء وقادة الرأي حول ان لا تسوية داخلية إلا إذا كانت مبنية على رعاية من الجهات الاقليمية والدولية، وانه لا يمكن الوصول إلى التسوية من دون ذلك. بعد ذلك تم انتخاب الرئيس ميشال عون، وفتحت الأبواب أمام تفاؤل توّج بتكليف الرئيس سعد الحريري ومن ثم تشكيله الحكومة. وأوضحت المصادر ان كل ذلك دلّ على ان امكان إنتاج تسوية داخلية في لبنان ليس مستحيلاً. صحيح أن الجو الاقليمي لا يشهد ملامح تسوية كبرى، لكن الامور أثبتت ان لبنان يستطيع أن يحمي نفسه من النيران المشتعلة في محيطه، وأن المسؤولين اللبنانيين تمكنوا من حماية البلد، ومن التفاهم على تحصينه ومن العمل في اتجاه النهضة الاقتصادية والاجتماعية، وأن يتم ترك الامور الكبرى والأزمة السورية إلى تاريخ مؤجلّ. وكل ذلك، بحسب المصادر، جاء ليثبت ان الأوان آن للسعي إلى خلاص لبنان، الذي فيه نيّات صادقة للتفاهم والاتفاق.
وتوقعت المصادر ان يتبلور هذا المناخ بعمل حكومي جدّي يتميّز بالزخم، والتوافق حول قانون انتخابي وتنظيم الانتخابات فضلاً عن نهضة اقتصادية وتنموية. وفي الوقت نفسه التصدي للمشكلات الموجودة من سياسية واقتصادية. وقد دلّت مواقف كل الأفرقاء من خلال جلسات الثقة في المجلس، على ان لدى الجميع مصلحة في الاستقرار والإنتاجية، وبالتالي فإن المئة يوم الأولى من عمر الحكومة ستشهد اتجاهاً إيجابياً، مثل التفاهم على قانون للانتخابات النيابية، وإن حصل ذلك يعتبر مؤشراً.
وتتفق هذه المصادر، في النظرة، مع أوساط ديبلوماسية تتابع الوضع اللبناني عن كثب. وهي ترى مناخاً تسهيلياً في البلد من خلال إنجاز كل الاستحقاقات حتى الآن، وصولاً إلى توقع انطلاق ورشة العمل الحكومية من دون أن تقف أية جهة في وجه الجهود المبذولة أمام ذلك. كما ان الجو سينسحب على طريقة التعامل مع قانون الانتخاب الجديد. إذ إن هناك، وفقاً للمصادر، حداً أدنى من التوافق، وليس في مصلحة أي فريق أن يقوم بتوترات كبيرة تُخرج الامور عن السيطرة.
في لبنان لا أحد يربح أكثر، لذا فإن أي جهة تريد العرقلة والتوتر تدرك تماماً انها ستقود إذ ذاك دولة ترتب عليها ديوناً باهظة، وستربح تدهوراً إضافياً في الاقتصاد، وأن لا شيء فعلياً للربح. الربح الوحيد للجميع هو أن تبقى الأوضاع هادئة، وأن يحصل تطوير للاقتصاد ولمعيشة المواطنين.
كذلك لا يستطيع أحد توفير مزيد من القوة لنفسه. وبالتالي انعدام امكانات الربح وزيادة القوة لدى الجميع، توفر توازناً ما. إذ ما من جهة في حاجة إلى مزيد من القوة، والمشكلات في آن. كذلك هناك قرار خارجي بالاستقرار في لبنان، ولا مصلحة لأية جهة ان توتر الأجواء، ولن تربح أية جهة من خلال المشكلات التي قد تلجأ إليها. إلا أن أية رغبة دولية في الاستقرار اللبناني ليست ثابتة على أسس حديدية.
حتى بالنسبة إلى قانون الانتخابات فلا يبدو أن هناك نيّات تصعيدية. والسؤال هل تبقى من جراء اعتماد النسبية وطريقة التعامل معها، موازين القوى هي نفسها؟ وأكدت المصادر انه اذا كانت كل الأطراف تدرك تماماً ما الذي ستحصده من قانون انتخابي كهذا ومكتفية بذلك، فستون موافقة. مع الإشارة الى انه قد تكون تحصد رقماً أعلى بقليل من قانون الستين، انما ستأخذ موقفاً مرضياً لها، بالاكتفاء ولو أقل قليلاً، على أساس ان خسارة نائب أو اثنين قد يعوّض من خلال ربح حليف أو أكثر. وإذا جرى التوافق على عودة الرئيس سعد الحريري بعد الانتخابات، فإن ذلك سيتم، إذ إن القوات اللبنانية لن تتراجع عن دعمه، وكذلك التيار الوطني الحر، فضلاً عن دعمه من أحد الطرفين الشيعيين. في النتيجة لا يمكن لأحد أن يلغي أحداً، إنما اعتماد قانون النسبية قد يخرج اطاراً معيناً من التوازنات المختلفة لكن المقبولة من الجميع.
وفي كل الأحوال، تلاحظ المصادر، أن ليس من جهة تضع عراقيل فعلية أو تتجه إلى التصعيد والتصلب، بل هناك مجالات للأخذ والرد، والأمور خاضعة للتفاوض.
والآن إذا جرى تطوير موضوع الكهرباء، والعمل الجدّي لاستخراج النفط والغاز، فتكون هناك بداية مهمة لعمل العهد، وتالياً الحكومة.
هناك هدنة بنّاءة سيعمل الجميع في اطارها.
8 آذار 2019 00:00
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.