عرب وعالم

شيخ العقل : الانتصارَ للسلام والتهدئة أهمٌُ من الانتصار للحرب والتعبئة

تم النشر في 20 تموز 2025 | 00:00

دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى الى تثبيت وقف إطلاق النار، ووضع حدٍّ لدعوات النفير العام وللهجمات على القرى الدرزية في محافظة السويداء، مطالباً الدولة السورية بتحمّل مسؤولية تأمين طريق دمشق السويداء وحماية مواطنيها والعمل الحثيث لتبادل الأسرى دون إبطاء، ومعالجة الجرحى والمصابين وتأمين مستلزمات المستشفيات ومقوِّمات الحياة، والاستعداد لبدء حوار جدّي حول عملية الاندماج بالدولة والمشاركة في بناء مؤسساتها. ورأى أنَّ "الانتصارَ للسلام والتهدئة أهمٌُ بكثير من الانتصار للحرب والتعبئة" .

كلام الشيخ أبي المنى جاء خلال "موقف العزاء والصلاة على أرواح الشهداء الأبرار الذين قضوا دفاعا عن الارض والعرض والكرامة في محافظة السويداء العزيزة الشامخة"، الذي أقامته مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز والمشايخ في خلوات جرنايا - كفرحيم الشوف.

وقد استقبل شيخ العقل المعزّين، بمشاركة الشيخ نعيم حسن والمشايخ : أبو صالح محمد العنداري، أبو زين الدين حسن غنام (شيخ الخلوة)، أبو فايز امين مكارم، أبو طاهر منير بركة، أبو داود منير القضماني، أبو محمود سعيد فرج، الشيخ اكرم الصايغ ممثلا الشيخ امين الصايغ، وكان على رأس المعزّين الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يرافقه رئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط ووفد نيابي وحزبي ضم النواب: مروان حمادة، اكرم شهيب، هادي ابو الحسن ووائل أبو فاعور، امين السر العام في الحزب ظافر ناصر والقيادي خضر الغضبان ومفوض الاعلام صلاح تقي الدين ووكيل داخلية الشوف عمر غنام مع اعضاء جهاز الوكالة ومدراء الفروع في المنطقة،

كما حضر معزياً الوزير السابق وئام وهاب، قضاة المذهب الدرزي: الشيخان غاندي وسعيد مكارم، رائد الصايغ، منح نصر الله وأمير ابو زكي. وشخصيات وفاعليات سياسية واجتماعية واهلية وجمع غفير من المشايخ وحشد من ابناء البلدة والمنطقة.

شيخ العقل

وسبق قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء كلمة ألقاها شيخ العقل، قائلاً:

"قال تعالى: "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ". تداعينا إلى اللقاء اليومَ، وفي الصباح الباكر، في مقام الأمير السيِّد عبدالله جمال الدين التنوخي في عبيه للصلاة والدعاء، ⁠برفقة مشايخنا الأجلَّاء، وهم السبَّاقون دائماً برفع الدعاء والصلاة من أجل سلامة الجبل وكرامة أبنائه. ونلتقي الآنَ في خلوات جرنايا الزاهرة، مشايخَ وقيادةً سياسية وفاعلياتٍ وأهاليَ، من كل الجبل وعلى تنوُّع عائلاته ومناطقه، لنتبادلَ التعازي بالأبطال الشهداء الأحرار والقتلى الأبرياء الأبرار في السويداء الغالية العزيزة، مترحمين على أرواحهم الطاهرة، ومتأسفين على دمائهم الزكية وعلى ما أصاب العشراتِ والمئات منهم من ضِيقٍ وحرَجٍ وجراحٍ ومعاناة. نلتقي موحِّدين موحَّدين، وفي البال مشاهدُ التاريخ المشرِّفة ومشاهدُ الحاضر المؤلمة؛ بطولاتُ الأجداد وملاحمُ الأمجاد، ومشاهدُ الدم والدموع وصرخاتُ الاستغاثة وصورُ الإهانات وكلامُ التحريض والتعبئة والدعوة إلى القتل والتشفّي باسم الدين وباسم غيرة الدين".

أضاف: "في خضمِّ كلِّ ذلك نقول: إن عنواننا الأولَ والأخير هو أننا لا ولن نترك أهلنا في السويداء ولن نتخلّى عنهم ولن نتخاذل في نصرتِهم، وهم أهل النخوة والشرف والدين والأبطالُ الأشداء الميامين أبناءُ الجبل الأشمِّ، جبلِ الوطنية والعروبة والنضال التاريخي من أجل استقلال سوريا ووحدة شعبها وأرضها. وعنوانُنا الأكثرُ دقّةً اليوم، هو كيف يمكننا أن ننصرَهم ولا نخذلَهم، فعلاً لا قولاً، وحكمةً لا انفعالاً، كي لا نَستدعيَ المزيدَ من الدماء والدمار والعبث، ونحن واثقون أنهم أُباةُ الضيم كسلطان باشا الأطرش وحماةُ العرض كالشيخ قسّام الحنّاوي والغيارى على الدين كالشيخ أبو حسين ابراهيم الهجري، والمرابطون في أرض الآباء والأجداد كمشايخ آل جربوع وغيرهم من أبناء العائلات المعروفية الضاربة عمقاً في أصالتها العربية الإسلامية".

وتابع شيخ العقل: "أشعر اليومَ وكأنني في قلب كلِّ واحدٍ منكم، بما ينبضُ به من غيرةٍ وحميّةٍ وعنفوان، وفي عقلِ كل شيخٍ من شيوخنا الأجلَّاء وقادة الرأي وزعماء العشيرة المعروفية الإسلامية التوحيدية، بما يوحي به من واقعيّةٍ وإدراكٍ لأهمية الخطاب العقلاني الجامع في هذه اللحظة الدقيقة المصيرية من تاريخ طائفتنا والمنطقة. أشعرُ بكل ما به تشعرون، وأفكّر بكل ما به تفكِّرون، لذلك أختارُ أن يكون كلامي للتهدئة، لا للتعبئة، فليس منَّا من هو أكثرُ غيرةً من الآخر عندما يتعلّق الأمرُ بالكرامة والوجود، ونحن ووليد بك جنبلاط لا نَكِلُّ عن المتابعة والعمل دونما توانٍ، وهو القائد الواسع المدى والبعيد الرؤيا والأجدرُ والأقدرُ على التواصل والضغط والمتابعة حيث يجب، نخاطب العالم ونتابع الموضوع، كلٌّ على طريقته وتحت سقف التفاهم العام ووحدة الموقف، وغيرُنا لا يقصِّرُ بما يراه مناسباً ومفيداً، لكن علينا جميعاً أن نُدركَ أنَّ الانتصارَ للسلام والتهدئة أهمٌُ من الانتصار للحرب والتعبئة، والتبصُّرَ بالأمور يقضي بأن نصونَ جبلنا وأن نحافظ على أهلِنا بالموقف الواقعي الصلب وبالمعالجة الحكيمة والمواجهة الموحَّدة. لذلك نقول ما قلناه في بياننا الصادر عن الاجتماع الموسَّع للمجلس المذهبي منذ يومين، وما كرّرناه ونكرّره من مطالبَ محقّة وخطواتٍ لا بدَّ منها أولاً بأول، وأوّلُها:

الدعوة لتثبيت وقف إطلاق النار ووضع حدٍّ لدعوات النفير العام وللهجمات على القرى الدرزية في محافظة السويداء، مطالبين الدولة السورية بتحمل مسؤولية تأمين طريق دمشق السويداء ومسؤولية حماية مواطنيها، العمل الحثيث لتبادل الأسرى دون إبطاء، ولمعالجة الجرحى والمصابين، ولتأمين مستلزمات المستشفيات ومقوِّمات الحياة بالسرعة القصوى، وقد بدات تباشيرها اليوم نتيجة المتابعة الحثيثة. ليكون ذلك تمهيداً جديّاً لخطواتٍ لاحقة لا بدَّ منها تتعلّق بتثبيت أسس العلاقة بين الموحدين الدروز وجيرانهم أبناء العشائر العربية الذين تجمعهم بهم صلاتُ المودّة والشهامة والأخوّة والوطنية عبر التاريخ، والاستعداد لبدء حوار جدي حول عملية الاندماج بالدولة والمشاركة في بناء مؤسساتها ونهضتها وحفظ أمنها".

اضاف: "لم نقبل ولن نقبل أن نكون في موقع الذل والهوان ، ولا في موقع العداء مع إخوانِنا أهل السنّة، ونحن على صلاتٍ يوميّة معهم على أرفع المستويات، ولكننا نرفض التطرُف والتكفير، ولا نبالي بتركيبات وتحريضات الفتنويين على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلام المُغرضة، بل نناشدُ إخوانَنا وأبناءنا الالتزامَ بنهج مشايخِنا وقادة مجتمعِنا المنادين دوماً بحفظ الجار ولو جار، وبصون الكرامات وعدم التعدّي.

لذلك أُضيفُ لأقول إننا نرفضُ الاعتداءَ على العمّال السوريين والتشفّي منهم، فهم يعيشون بيننا ويعتاشون من عرق جبينهم وتعب أيديهم في مؤسساتنا وقرانا، كما نرفضُ الدعوات لقطع الطرقات ولمظاهر الأعلام المتنقلة في غير مكانها وأوانها، وندعو إلى ضبط السجال الإعلامي وعدم نشر ما يُسيء ولا يفيد، فلغةُ العقل والرزانة تليق بنا أكثر من سواها".

وتابع: "عظَّم الله أجرَكم جميعاً، شكراً لشيخنا الجليل ولمشايخنا الكرام في خلوات جرنايا، شكراً لقيادة الجيش والقوى الأمنية الحريصة معنا على الأمن والسلامة، شكراً لمشاركتِكم، ولتبقَ قلوبُكم نابضةً بحبِّ السويداء وداعيةً إلى زوال المحنة وانبلاج فجر تحقيق العدالة والاستقرار والازدهار في سوريا التي يحبُّها أبناء السويداء كما أحبّها سلطان الأطرش قائلاً: "ليس هناك درزي وسنّي ومسيحي وعلوي وشيعي في سوريا، ليس هناك إلا أمةٌ واحدة ولغة واحدة ومصالحُ واحدة، ليس هناك إلّا عربٌ سوريّون".

وختم ابي المنى: "رحم الله الشهداء، وأعان الجرحى والمصابين، وأبقى لنا ولإخواننا رايةَ السويداء خفَّاقةً في سماء سوريا وسماء العروبة، وخيرُ الختام ما هو خيرُ البداية، قولُه تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ". صدق الله العظيم" .

عبيه

من جهة ثانية، شارك شيخ العقل في موقف العزاء الذي أقيم في مقام الامير السيد عبدالله التنوخي في عبيه صباح اليوم، إلى جانب مشاركة مشايخ اجلاّء وفاعليات روحية واجتماعية وجمع غفير من ابناء البلدة والمنطقة، حيث قدم الشيخ نعيم حسن كلمة شكر على التعزية لشيخ العقل والمشايخ الاجلاء والنواب والفاعليات المشاركين، مؤكّداً ان "الموقف هو للتضامن ايضا، وللوقوف إلى جانب ابناء محافظة السويداء ازاء ما يتعرضون له اليوم من الحرب".